وقفت جميله على شرفة الغرفه لتشاهد شروق الشمس وذهاب الناس لاعمالهم
والأطفال إلى مدارسهم ،
فمكثت مدة طويلة تنظر ،
فشهقت شهقة قصيرة من أعماق قلبها الصغير .
أخذت تخيط ذكريات الأمس الأليم عندما كانت شابة في مقتبل العمر
أنهت دراستها الجامعية وبدأت حياتها العملية ،
تقدم لها شاب وهو زميل لها في العمل ، وافقت عليه دون تردد ، لحسن سلوكه وسيرته الطيبة ،
تزوجا وعاشا معا حياة جميلة جدا
وزادت سعادتهما عندما أثمر زواجهما عن طفلة جميلة تدعى
" خلود "
ملأت عليهما حياتهما حبا وفرحا وسرورا ،
ولكن مشاغل الحياة جعلت جميلة تضطر إلى الاستعانة بخادمة تعينها
في المنزل
وفي أثناء غيابها لتهتم بالصغيرة .
ومرت الأيام سريعة
وبدأت خلود تكبر وتكبر معها شقاوتها .
وفي أحد الأيام بينما كانت جميلة عائدة من العمل وجدت
الصغيرة في المطبخ وفي يدها آلة حادة كادت أن تقطع يدها ،
فأسرعت جميلة وأخذت الآلة من يدها
وراحت تبحث عن الخادمة
في أرجاء المنزل بجنون ولكن دون جدوى لقد اختفت وكأن الأرض أضمرتها فجلست تنتظر
عودتها بفارغ الصبر .
قالت محدثة نفسها " عجبي لهذا الزمن الغريب
الذي تترك فيه الخادمة بيت
مخدومتها لتذهب للسمر
والرقص " .
اجتاحتها ثورة جامحة
من الغضب فأخذت الخادمة
وجرتها إلى المنزل وعنفتها
بقوة وانتظرت
عودة زوجها ليرى ما العمل مع الخادمة ،
وما عن عاد زوجها من عمله
حتى أخبرته بكل ما حدث فقرر
أن يخصم من معاشها حتى لا تعود لمثل هذا التصرف
مرة أخرى . فسكتت الخادمة دون أن تتفوه بكلمة ولا أحد يعلم ما تضمره نفسها وراء هذا السكوت .
ومرت الأيام بعد هذه الحادثة بسلام ،
وازداد عمل الوالدين وانشغالهما
عن المنزل وازداد معه عذاب
الطفلة حيث أن الخادمة كانت
تضربها بقسوة وكانت تمنعها من الأكل لأيام طوال بحجة أنها السبب في خصم معاشها .
عاشت الطفلة في عذاب لشهور
عدة حتى لاحظت جميلة أن ابنتها أصبحت هزيلة جدا وقل نشاطها عن السابق ، كانت
ترى في عيني خلود ألما كبيرا
ولكنها كانت تحبس دموعها
خوفا من أن ينزل بها عقاب
أش وأقوى مما تعاني منه الآن
. وفي يوم حدث أمر لم تتوقعه الخادمة فقد ،
عادت جميلة مبكرة
من العمل لرعاية ابنتها لمعرفة ما الذي حل بها .
قضت جميلة اليوم
بأكمله مع خلود تداعبها وتلاعبها وتحكي لها أجمل الحكايات وتنسج لها أحلى الأحلام
الوردية وما إن انتهت مرح حتى أخذتها إلى الحمام
لتستحم وتخلد بعد ذلك إلى النوم ،
لكنها صدمت عندما رأت جسم الفتاة المليء
بالجروح والكدمات القوية ،
استدعت الخادمة على الفور وطلبت منها التفسير ،
فأجابت الخادمة بسرعة
حيث أنها كانت تتوقع مثل هذا السؤال .
" لقد سقط عليها الكرسي
أثناء لعبها تحت الطاولة فسبب لها بعض الكدمات ، أما الجروح فقد حدثت لها بسبب
شقاوتها عند محاولتها تسلق
الشباك في حديقة جارتنا " .
لم تدخل حجج الخادمة رأس جميلة .
فقررت مراقبتها